على الرغم من التريث الواضح من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في البتّ بمصير إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي عبّر عنه بشكل واضح رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بعد لقائه الرئيس عون في قصر بعبدا يوم أمس، هناك العديد من السيناريوهات التي بدأت تُطرح على بساط البحث، خصوصاً أن السعودية قد تقدم على خطوة جديدة تؤكد أن الحريري أخذ قراره بملء إرادته، بعيداً عن أي ضغوط من هنا أو هناك.
في هذا السياق، توضح مصادر مطّلعة، عبر "النشرة"، أن المعلومات عن إجبار رئيس الحكومة على الإستقالة صحيحة 100%، بالرغم من الإعلان عن سفره إلى الإمارات العربية المتحدة للقاء ولي العهد الشيخ محمد بن زايد، وتشير إلى أن الحريري قد يقوم بزيارة أخرى إلى العاصمة الفرنسية باريس للتأكيد على حريته بالتحرك، لكنها تلفت إلى أن الرياض ممسكة بكل التحركات التي سيقوم بها، كي لا يكون قادراً على إتخاذ أيّ موقف مغاير لما تريده منه في الوقت الراهن، حتى ولو قرّر العودة إلى بيروت.
من هذا المنطلق، تشدد هذه المصادر على أن لا عودة ممكنة من جانب رئيس الحكومة عن الإستقالة، نظراً إلى أن تداعيات هذا الأمر ستكون أكبر من الخطوة التي أعلن عنها يوم السبت الماضي، سواء كان ذلك على صعيده الشخصي أو على مستوى العلاقات اللبنانيّة السعوديّة، حيث سيُفسر الأمر على أنه إجبار من قبل دولة أجنبيّة لرئيس الحكومة على إعلان إستقالته مُكرهاً، وهو ما لا يمكن توقعه من الحريري بأي شكل من الإشكال.
بناء على ذلك، تؤكد هذه المصادر على أهميّة الخطوات التي قام بها رئيس الجمهورية على هذا الصعيد، مشيرة إلى أن لبنان نجح في إمتصاص الأزمة على المستويات الإقتصادية والأمنية والسياسية، وتضيف: "هذا الأمر يسجل للرئيس عون الذي أثبت حكمة كبيرة في التعاطي مع أحداث كبيرة غير متوقعة من هذا النوع"، لكنها في المقابل تؤكّد بأن كل المعطيات تشير إلى أن لا حكومة ستُشكل في لبنان في وقت قريب، لا سيما أن قوى الثامن من آذار تريد أن تأخذ الأمور أكبر مدى زمني ممكن، لأن هدفها عدم إستفزاز الشارع السنيّ بشكل يؤدّي إلى توتير الأوضاع.
وتوضح هذه المصادر أنه بعد الإنتهاء من المرحلة الراهنة، أي التسليم باستقالة رئيس الحكومة من منصبه، سيكون على رئيس الجمهورية الدعوة إلى إستشارات نيابيّة ملزمة لتسمية رئيس حكومة مكلّف، وتكشف أن التوجه لدى قوى الثامن من آذار هو نحو إعادة تسمية الحريري نفسه، باستثناء "حزب الله" الذي درجت العادة ألاّ تُسميه كتلته النيابية لرئاسة الحكومة، خصوصاً إذا كان هذا الأمر هو توجه قوى الرابع عشر من آذار أيضاً.
وفي حال لم يكن هذا هو توجه قوى الرابع عشر من آذار، لا سيما أن الحريري تحدث عن ظروف أمنية تمنع عودته إلى لبنان، تشير هذه المصادر إلى أن قوى الثامن من آذار ستذهب إلى تسمية شخصية سنية معتدلة لا تستفز الشارع السني، لكنها تشدد على أن ما هو مرفوض بشكل مطلق هو ما بدأ الحديث عنه في بعض الأوساط عن الذهاب نحو خيار حكومة تكنوقراط.
وتلفت هذه المصادر إلى أن الهدف السعودي من هذا الخيار هو إخراج "حزب الله" من الحكومة، الأمر الذي لا يمكن أن يوافق عليه الحزب في هذه المرحلة بأي شكل من الأشكال، خصوصاً أنه طلب سعودي لم يتردد وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان في الإعلان عنه، وتضيف: "قد يكون الحزب هذه المرة متمسكاً بالمشاركة في الحكومة أكثر من أي وقت مضى".
من ناحية أخرى، تشير هذه المصادر، بحسب المعلومات التي لديها، إلى أن إستقالة الحريري كانت واردة منذ ما قبل مغادرته إلى الرياض، لكنها كانت منتظرة قبل نحو شهرين من موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، بهدف تطيير هذا الإستحقاق الذي يفضل رئيس الحكومة تأجيله لتحسين أوراق قوته في الشارع السني، على أن يرفض وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق دعوة الهيئات الناخبة بسبب عدم وجود حكومة، بالرغم من الإجتهادات التي تؤكد أن حكومة تصريف الأعمال قادرة على الإشراف على الإنتخابات.